الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
القول بأن احتفال إدارة الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن والدور النسائية بإكمال طلابها وطالباتها لحفظ القرآن الكريم أنه من البدع فهذا القول غير صحيح لأن هذا العمل أقرب إلى العادات وليس العبادات ولأن الجمعيات هي تكرم من حفظ وليس الحافظ يكرم نفسه فدور الجمعيات إبراز مناشطها في كل عام وثمرات المشاركين تبرعا وإدارة وليس هو احتفال بختم القرآن الكريم ومن ثم جاء في بعض الآثار وإن كان اختلف في سنده ( أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عندما أتم حفظ سورة البقرة نحر جذورا ) أي ناقة فنلاحظ هنا ارتبط الفرح والتكريم بالحفظ والعرب قديما كانت تفرح للولد إذا حفظ القرآن كاملا في الكتاتيب وكانوا يبتهجون حتى قالوا إذا حذق الصبي القرآن فالمراد الاحتفال لحفظه للقرآن وليس ختمه كقراءة ومن ثم مثل هذه الاحتفالات إشعار للمتبرعين لثمرة تبرعاتهم وإظهار فائدتها ولرفع الهمم لدى الناس وخاصة الجيل الناشئ لحفظ كتاب الله وهو مظهر من مظاهر تعظيم كتاب الله والفرح بحفظه في الصدور لدى أولادنا ذكورا وإناثا وأيضا هو إشهار للخير ليعم النفع الجميع وفيه الحث والتوجيه لحفظ القرآن والاعتناء به وتحفيز الطلاب والطالبات لتسليمهم شهادات الحفظ وليس شهادات قراءة القرآن كعبادة ولهذا جاء في بعض الروايات أن النضر بن شميل رحمه الله قال : سمعت إبراهيم ابن أدهم رحمه الله يقول : قال لي أبي : اطلب الحديث فكل ما سمعت حديثا وحفظته فلك درهم فطلبت الحديث على هذا .
وجاء ايضا عن أبي خبيب الكرابيسى رحمه الله قال كان معنا ابن لأيوب السختياني رحمه الله في الكتاب فحذق الصبي ( أي حفظ القرآن كاملا) فأتينا منزلهم فوضع له منبر فخطب عليه ونهبوا علينا الجوز وأيوب قائم على الباب يقول ادخلوا وهو خاص.
فلا بد أن نفرق بين حفل إنهاء قراءة المصحف تعبدا وبين احتفال لإدارة معينة بإكرام حفظتها فالاحتفال بإنهاء قراءة المصحف حيث يقرأه تعبدا فهذا بدعة أما الاحتفال من قبل الجمعيات أو المؤسسات لمجموعة من الطلاب أو الطالبات بتسليهم جوائز ولإكرامهم فهذا لا بأس به لبيان الجهود والنشاطات والميزانيات المالية للحضور ومن ثم هذا الاحتفال إكرام للحافظ لبذله الجهد لسنة او سنتين أو ثلاث فهو ناصب قدمه ليحفظ كتاب الله ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) وهذا الحديث أخرجه البيهقي رحمه الله في سننه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهذا الحديث سنده حسن حيث حسنه الإمام العراقي في تخرج الإحياء في الجزء الثاني وقد صححه الشيخ الألبان في الجامع الصحيح .
وعلى هذا فهذه الاحتفالات ليست للختم وإنما هي للطالب ذاته لأنه برع وحذق الحفظ إكراما له ولذلك نجد أن الجمعيات والدور النسائية تقول في لقاء الحفل وفي أول اللقاء هذا حفل تخريج الحافظين والحافظات حيث أتموا دورة كاملة في برنامج التحفيظ فأرجو أن نفرق بين المنهي عنه بدعة وبينما يكون تحفيزا وعادة فالإسلام لا يمنعنا أن نشجع المثابرين الناجحين المتفوقين المناضلين في فعل الخير والعلم وحفظ كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يزال الكثير من علماء الإسلام في كل مكان يحضرون هذه الاحتفالات ويشجعونها لأنها تربط بالجمعيات لا بالطالب ذاته .
ولعل ما ذكرته بإيجاز نبه السائل إلى هذه المسائلة .