الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن ديننا الإسلامي يحثنا جميعا الى عدم التعصب للآراء التي ينتج منها الفرقة و الخذلان بل و نجد في هذا الدين الحث على الاعتصام و نبذ الخلاف و لهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الخلاف شر و لعل المقصود ذلك الخلاف الذي يأتي من طرق الهوى و التعصب للآراء دون النظر و الاستدلال المفيد و إلا فالخلاف متواجد في الاحكام الفرعية و لا حرج فيه مادام يُبنى على أدلة اختلف اهل العلم فيها لكن المذموم هو ما طاله الهوى .
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتاب الصواعق ( الاختلاف في كتاب الله نوعان منها أن يكون المختلفون كلهم مذمومين و هم الذين نهانا الله سبحانه من التشبه بهم في قوله (( و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا )) و هذا الخلاف هو الذي وصف الله اهله بالبغي .أما الآخر فهو ينقسم الى قسمين اختلاف محمود و اختلاف مذموم فمن اصاب فهو محمود و من اخطأ مع اجتهاد في الوصول اليه فأسم الذم موضوع عنه و هو محمود في اجتهاده معفو عن خطئه ) .
لذلك لا ينبغي لنا عند الاختلاف الذي يُبنى على الوصول الى طرح الادلة المختلفة أن يكون هناك تعصب يؤدي الى المشاحنة بل علينا احترام من خالف بدليل و علينا ان نتجنب الخلاف الذي يأتي من باب الهوى , ثم علينا جميعا أن نتقي الله عز و جل في صلة الأمة و افردها حيث هي نعمة عظيمة لأن التحزبات مرض يسري و ينخر في جسد هذه الامة التي امرها الله عز و جل بالتعاون و التحاب و عدم الفرقة فإذا جال و صال في نخر جسدها لاشك أنه سيؤدي هذا الى الفرقة و التناحر .
فالخلاف الممدوح لا يفسد للود قضية بين المسلمين ثم نحرر انفسنا بالتجرد الصحيح من الهوى و تبعاته فإني اوصي بالإنشغال بالعلم النافع و أن لا نبتعد عن بنيات الطريق وأن يحرصوا على استقامة اقوالهم و نقدهم فلذلك نجد بعض الردود على البعض قد تكون سليمة وصحيحة لأنها بدليل ولا يقصد فيها الإساءة إنما إظهار الحق فهذا جيد وفي محله .
ولكن نجد ردوداً صيغت بأسلوب الغلظة والإتهامات حيث قد تشعرك حين قراءتها أنها لأهداف يراد منها الحط من شأن المردود عليه وقد تكون هذه الردود بصيغ إستفزازية من الإتهامات والرمي بالقول المغلوط كمن يكفر أويفسق ونحو ذلك وهذا من أعظم الفرية أن نرمي مسلماً فيه .
بل أنك تجد بعض الردود فيها تطاولاً مزعجًا لذلك أنصح من يكتب ردوداً أن يكون رده بإرادة الخير للمنصوح وإرادة الخير لهذه الأمة وأن يعمل بأخف الضررين إن احتاج له في رده .
ومما يؤسف له أنك تجد الخلاف وصل إلى التشكيك ببعض العلماء لكونهم أدلوا برأي معين خالف رأيا آخرا فالواجب في هذه الحالة المناقشة الهادئة التي يبرز فيها حبنا وودنا لبعضنا كمجتمع مسلم نعمل على حسن النوايا لنخرج بنقاشنا الهادئ إلى الموضوعية النافعة .
فنحن بحاجة ماسة في هذا الزمن الذي طال فيه الأعداء إلى تراص الأمة ليزرعوا فينا الخلافات والمشاحنات فنحن بحاجة إلى التعاون وحسن الظن والله تعالى يقول ( وتعاونوا على البر والتقوى )
أما سؤالك عن حكم الإستعانة بالجن مطلقاً فهذا أراه لايجوز شرعاً لأن الجن لاتخدم إلا من أطاعهم فيما يريدون ولكن من وجد الجن يخدمهم وهو لم يطلبهم فهذا شأن آخر ولهذا تكلم الإمام ابن تيمية رحمه الله عن هذه المسألة فقال كما في كتابه الفتاوى الكبرى (المقصود هنا ان الجن مع الانس على احوال فمن كان من الانس يأمر الجن بما أمر الله به رسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ويأمر الانس بذلك فهذا من أفضل اولياء الله تعالى وهو فى ذلك من خلفاء الرسول ونوابه ومن كان يستعمل الجن فى أمور مباحة له فهو كمن استعمل الإنس فى أمور مباحة له وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم فى مباحات له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا إذا قدر أنه من اولياء الله تعالى فغايته أن يكون فى عموم أولياء الله مثل النبى الملك مع العبد الرسول كسليمان ويوسف مع ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما فى الشرك واما فى قتل معصوم الدم أو فى العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وانسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، واما فى فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الاثم والعدوان ثم ان استعان بهم على الكفر فهو كافر وإن استعان بهم على المعاصى فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق يستعين بهم على الحج أو ان يطيروا به عند السماع البدعى أو ان يحملوه الى عرفات ولا يحج الحج الشرعى الذى امره الله به ورسوله وأن يحملوه من مدينة الى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به
وكثير من هؤلاء قد لا يعرف أن ذلك من الجن بل قد سمع أن أولياء الله لهم كرامات وخوارق للعادات وليس عنده من حقائق الإيمان ومعرفة القرآن ما يفرق به بين الكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية فيمكرون به بحسب اعتقاده فان كان مشركاً يعبد الكواكب والأوثان أوهموه أنه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الإستشفاع والتوسل ممن صور ذلك الصنم على صورته من ملك أو نبى أو شيخ صالح فيظن أنه صالح وتكون عبادته فى الحقيقة للشيطان قال الله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون