الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن جبريل عليه السلام خصه الله تعالى بالوحي للأنبياء والرسل فهو المرسل من الله تعالى للأنبياء والرسل كلهم جميعاً قال الله تعالى (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) ) سورة البقرة
والمعتقد الصحيح أن الوحي الذي خُص به الأنبياء والرسل انقطع بموت الرسول صلى الله عليه وسلم فلا وحي لأحد من بعده وهذا هو المتفق عليه عند جمهرة المسلمين .
وهذا لا يعني عدم نزول جبريل بل إنه ينزل في أمور معينة كنزوله مع الملائكة إلى الأرض ليلة القدر كمال قال الله تعالى (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ) سورة القدر
وأما ما جاء في كتب الشيعة أن أبا عبيدة روى عن الإمام الصادق أنه قال : ( إن فاطمة رضي الله عنها مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس وسبعين يوماً وكان دخلها حزن على أبيها وكان جبرائيل عليه السلام يأتيها .... إلخ )
هذا القول من مزاعم بعض علماء الشيعة وهو قول باطل .
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( قال أبو بكر رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه : انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها فلما انتهيا إليها بكت فقالا لها : ما يبكيك ؟ أما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم . فقالت : ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم , لكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء , فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها )
والله تعالى يقول : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً (163) ) سورة النساء
وكذلك قوله تعالى : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40)) سورة الأحزاب
ونجد أن الله تعالى يقول (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) ) سورة النجم
وفي سورة فصلت يقول الله تعالى : ( نَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) )
قال تتنزل عليهم الملائكة وهو الحفظ والأمان لهم ولم يقل يوحى إليهم لأن الوحي بالنبوة والرسالة إنما هو خاص بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لينذروا الناس ليخافوا الله ويخافوا اليوم الآخر .
قال الله تعالى (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15) ) سورة غافر
وهناك وحي ثابت في القرآن لا على سبيل النبوة والرسالة وإنما لغرض خاص كما في قصة مريم وأم موسى .
قال الله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (7) ) سورة القصص
لكن مثل هذا الوحي لم تثبت له نبوة ولا تنزيل كتاب فالزعم أن فاطمة أوحي إليها وأنزل عليها حتى قالوا قرآن فاطمة فهذا ضرب من الأكاذيب لدى الإمامية الشيعية ولأن القرآن الكريم وحي غيب علمه الله تعالى لأنبيائه ورسله كما قال الله تعالى في القرآن الكريم (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) ) سورة التكوير