وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأفيدك أن الموت للمؤمن راحة من عناء الدنيا ونكدها ومشاقها. فقد جاء في الحديث الذي أخرجه الأمام مسلم رحمه الله عن أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُر عليه بجنازة فقال مُستريح ومُستراح منه فقالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه ؟ فقال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ))
ففي هذا الحديث يتبين أن الموت فيه راحة للمؤمن فالله تعالى يقول في حق أولياءه الذين أطاعوه ( إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا يهم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ). ثم إن روح المؤمن يوم أن تخرج فهي تخرج كما يخرج الماء من في السقاء لا يجد لها مشقة وهذا لاينافي ماورد من الشدة التي يمر بها الميت ثم إن هذه الشدة لايمر به كل مسلم فهذا يتفاوت بين مسلم وآخر ولهذ قال الإمام إبن حجر رحمه الله إن شدة الموت لاتدل على نقص في المرتبة بل هي للمؤمن إما زيادة في الحسنات وإما تكفير للسيئات, المسلم المؤمن بربه عز وجل إذا مات فإن له البشارة العظيمة بثواب الله تعالى له فالله تعالى يقول في كتابه ( وَالْعَصْرِ 1 إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ 2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ 3 ) فنجد في هذه السورة أن الله تعالى ذكر خسران الإنسان في حياته وأخراه واستثنى من ذلك الذي يعمل الصالحات ، وأم الصالحات الصلاة والصوم والحج والزكاة مع كلمة التوحيد والإقرار ، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ) وفي الحديث الآخر( أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : يا رسول الله دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني عن النار قال : تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال والذي بعثك بالحق لا أزيد على هذا ولا أنقص قال النبي عليه الصلاة والسلام من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) فما دام المسلم قائماً بأداء الصلاة المكتوبة والزكاة المفروضة إن كان عنده مال ويصوم رمضان وعاملاً بطاعة الله فإنه والحالة هذه فهو إلى خير في حياته ومماته بل إن الله تعالى أثنى على هؤلاء في كتابه وذكر آية في القرآن تبين وعد الله لهم بالجنة : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ 3 وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ 4 وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 5 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ 6 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ 7 وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ 8 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ 9 أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ 10 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 11 ) فلعل المسلم أن يطمئن على نفسه وعلى ميته ما دام مات على الإسلام والتوحيد ، أما كون المسلم يريد أن يعلم عن حال ميته كيف هو فهذا لا يعلم إلا بوحي لأن إمرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقتل إبنها في إحدى الغزوات فقالت : يا رسول الله أسألك عن إبني أين هو إن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك بكيت قال أوهبلتِ ؟ إنها جنان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ، فنحن علينا أن نحسن الظن بالله تعالى أن من مات مسلماً موحداً عاملاً بطاعة الله فهو إلى الجنة بإذنه تعالى