الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونرحب بك ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
أما الجواب على سؤالكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نفيدك أن صبرك على أذى من ذكرت يدل على خير فيك فأهنئك على هذا الخلق ثم أوصيك بالإستمرار على هذا الصبر والإحتساب لأن من يصبر على أذى الناس له أجر عظيم عند الله عز وجل أما ما تجدينه في قلبك من بغض لهم بسبب أذاهم المتكرر فهذا شيء طبيعي لأن النفس الإنسانية جُبلت على إحترام من يحترمها ومع ذلك حاولي كظم ما لديك حتى تكوني من الذين أثنى الله عليهم في كتابه وأحبهم فقال : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )
فالمسلم إذا حصل له أذى من مسلم فصبر حياله إبتغاء الأجر عند الله إتصف بصفات المحسنين الذين يحبهم الله ثم لا يمنع مناصحتهم بالرفق والحسنى وتذكيرهم بأنه لا يجوز لهم أن يتعدوا بالأذى
وإليك مقالي هذا بعنوان أسرار العفو
هل أساء إليك أحد فأصابك الحنق ؟
أو شتمك فأصب الغيظ فكدت أن تمتلئ غيظا ؟
وهل مر بك أن أغضبك أحد فامتلأت حرجا ؟
أو قام بمماطلتك حتى أضر بك ؟
أو أحسست بشخص إغتابك أو وشى بك بين الناس ؟
تعال معي أخي المسلم وتعالي معه أختي المسلمة لنكون سعداء بانشراح قلوبنا وسكون نفوسنا فإن هذه النفس لا تستحق أن نعذبها لأجل هفوات الآخرين
فتعال معي لنصغي للقرآن الكريم (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).
ولنصغي للتاريخ فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم تجري الإساءة إليه من قومه حين دعاهم للإسلام فما سمعوا منه كلمة تجريح ولا قولاً يسئ به .
بأبي هو وأمي ما حمل قلباً مضطرباً بالانتقام والتشفي إنما حمل قلبا يعفو ويرحم ويصفح حتى مع من أساء إليه .
وهاهو معن بن زائدة رضي الله عنه جاءنا في سيرته اقتداءه برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخذ صفات الحلم والعفو والصفح وجعلها نبراسا في حياته اقتدأ بالنبوة فمعن بن زائدة وصف بالحلم وها هي قصته :
كان معن لا يغيظاحداً ولا احديغيظهفقال بعض الشعراء :
انا أغيظه لكم ولو كان قلبه منصخر فراهنوه على مائة بعير
إن أغاظه أخذها و إن لم يغظه دفع مثلها
فعمد الرجل ودخل على معن رحمه الله
وقال :
اناوالله لا ابدي سلاما على معن ِ المسـمى بالأمير
فقال معن : السلام لله ان سلمت رددنا عليك وإن لم تسلم
ما عتبناعليك
فقا ل
ولا انزل بلاداً أنت فيها ولو حزت الشام مع الثغور
فقال معن : البلاد بلاد الله ان نزلت فمرحباً بك وان رحلت
كان الله في عونك
فقال :
أتذكر اذ قميصك جلد شاة ٍ وذا نعلاك من جلد البعير
قال معن اعرف ذلك ولا انكره
فقال :
فقال:
وفي يمناك عكاز قوي تذود به الكلاب عن الهر ير
فقال :معن ما خفي عليك خبرها اذ هيكعصا موسى
فقال :
فسبحان الذي أعطاك ملكا ,, وعملك القعود على السرير
فقال : معن : ذلك بفضل الله لابفضلك .
أخذ ما قدر له وانصرف متعجباً من حلم معن وعدم إنتقامه منه ثم قال في نفسه مثل هذا لا ينبغي أن يهجى بل يمدح وإغتسل ولبس ثيابه ورجع إليه فسلم عليه ومدحه
فما أجمل أن نعفو عن بعضنا بعضً وما أجمل أن نزرع المحبة للناس في قلوبنا .
ما أجمل إدخال السرور على الآخرين والله تعالى علمنا فقال ( وقولوا للناس حسناً )
فما أجمل وأكمل أن نزرع الكلمة الطيبة وننثرها فيما بيننا نثراً له وقعه في علاقاتنا للنعم بالثواب من الله ونكسب الآخرين لنكون سعداء ونحمل المعاني الجميلة ولا نغرق في الإساءة
فهل تدربنا على التسامح بكل جرأة لكن مع الإعتدال والوسطية حتى لا نخذل وأن نعمل على أن نطرد الألفاظ السيئة حتى لا تجري على ألسنتنا كما قال الشاعر
إذا ما بدأت لك من صاحب لك ذلة فكنت أنت محتال لذلته عذرا
والله تعالى يقول واصفاً رسوله صلى الله عليه وسلم ( وإنك لعلى خلق عظيم )
ومن هذا انطلق النبي عليه الصلاة والسلام بأخلاقه وآدابه وسلوكه ليعلم أمته الصفح والعفو عن الآخرين .
فالسعادة مع إيمانك أن تملك نفسك عند الغضب وتجري توقيعاً مباشراً على شفاه كلامك أن هذا الموقف لصالحك بالعفو الجميل .
وهذا يحتاج منك إلى روية وصبر وأناة ليُعرف من وجهك أنك صاحب عفو عمن أساء .
ومن هنا بدأت تشق الطريق لتزرع محبتك في قلوب الناس وبودي أن أهمس في إحدى أذنيك وأرجو أن تسمع لهمسي هذا : عليك أخي أن تتحكم في نفسك لتتحدث بردك عمن أساء إليك بألألفاظ الجميلة وهذا يحتاج منك أن تعمل الأسباب ساعتها بشجاعة وعزم فلا تتوانى في رد هاجس المثل لتكون من الأتقياء