الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونرحب بك ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
أما الجواب على سؤالكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حديث ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن، فقيل يا رسول الله ما نقصان عقلها؟ قال : أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل؟ قيل يا رسول الله ما نقصان دينها؟ قال : أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ )
فهذا الحديث ليس فيه نفي العقل للمرأة وإنما فيه بيان حال تؤول له المرأة من النسيان بسبب الحيض والحمل والنفاس فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الرحمة بالمرأة والأخذ لظروفها وأن لا تُحمّل أكثر من اللازم رأفة بها فقد يحدث النسيان عندها والإنشغال بسبب ما تعانيه من أمور الحمل وغيره وعلى هذا لم يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفهمه البعض أن هذا طعن بحق المرأة وغباء. فحاشاه صلى الله عليه وسلم وهو الذي استشار المرأة وأخذ برأيها حتى في الغزوات وعلمها وأمرها بنشر العلم والفقه وقد تكون المرأة عابدة زاهدة تجدها في عملها الصالح أكثر من الرجل فلا يجوز لأحد البتة أن يصنف المرأة بالغباء وقلة العقل في الذكاء لأن ما جاء في الحديث هو ضعف خاص في جزئية معينة في الشهادة وترك الصلاة والصوم في الحيض رحمة بها ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم أثنى على المرأة في مواقف كثيرة كمثل موقفه لما نزل عليه الوحي حينما عاد لبيته خائفاً قال لخديجة رضي الله عنها ( زملوني زملوني) كان بإمكانه أن يذهب للرجال ولكن ذهب لخديجة ليُعرِّف الناس بمكانة المرأة وفهمها للأمور ومن ثم نجده صلى الله عليه وسلم طرد قبيلة كاملة لأجل امرأة حينما فديت امرأة سلمة إلى سوق بني قينقاع والقصة كاملة مشهورة في كتب أهل العلم ولهذا نجدها قد شاركت في بناء دولة الإسلام وعلوم الأمة ولها دور بارز في تاريخ الإسلام ولهذا وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بكاملة لافهم ولوعي والعقل حتىقال ( المرأة راعية في بيت زوجها) فلو كانت خلاف ذلك لما قال أنها راعية. أي ذات شأن في بيتها لعقلها وأدبها بل سمى سورة في القرآن باسمها سورة النساء وأيضا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيرونهن فهذا الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه يقول ( ما أشكل علينا أمر فسألنا عن عائشة رضي الله عنها إلا وجدنا عندها فيه علما ) ولدلالة قوة عقلها حفظت آلاف الأحاديث من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال عروة بن الزبير رضي الله عنه لها ( يا أمتاه لا أعجب من فقهك؟ أقول هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر وكان أعلم الناس ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو فقالت تعلمته من تمريضها للرسول صلى الله عليه وسلم ) وغير ذلك من المواقف التي تدل على عقل المرأة ومكانتها فعلماء الإسلام لا يقولون برميها بالغباء وأنها لا عقل لها بل يصفونها بما يفند أقوال ومزاعم الأعداء. وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستشير النساء لرجاحة عقولهن وثبت أنه كان يستشير عائشة رضي الله عنها وهذا مما يعلمه السلف من رجاحة عقل المرأة والاستفادة منها والكلام في هذا الموضوع يطول .
وللفائدة من هذا أن المراد بالحديث ناقصات عقل لا يراد به أن لا عقل لها وإنما هي خصوصية في شيء معين ذكرته أعلاه.