الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها الإخوة في هذا الزمن تكثر الشائعات المكذوبة ويكثر مروجوها في المجتمع بل نجد آذانا مصغية وألسنة ناقلة لها فتحدث البلبلة في المجتمع من الأقوال الكاذبة فكم من شائعة آلمت نفوس وكم من شائعة وصمت أبرياء بسوء بغير ما جنوا وكم من شائعة تسبب في فتن بين الناس وكم من شائعة جعلت خائناً أميناً وأميناً خائناً
أيها الإخوة الإشاعة هي الخبر المكذوب الذي يُعمل على نشره بين الناس ولا أساس له من الصحة أو يكون له أساس لكن أضيفت له إضافات غير صحيحة وزيد فيه
أيها الأحبة
لقد جاء الوصف في القرآن لمروجي الشائعات وناقليها بالفسق اقرأ وتدبر قول الله تعالى ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) وفي قراءة لهذه الآية ( تتبينوا ) ومما يزيد التدبر والتأمل لو عرفنا أسباب نزول هذه الآية حيث ذكر المفسرون رحمهم الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله ليه وسلم قد بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات وإنه لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لما حُدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يحدث نفسه في أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقال يا رسول الله حُدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق وإنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا وإنا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فأنزل الله عز وجل عذرهم في القرآن الكريم فقال الله تعالى ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) قال الإمام ابن كثير رحمه الله : ( يأمر الله تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذباً أو مخطئاً ) وتدبر قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) فالله تعالى يأمر بأن نتجنب الظن السيء وهو الذي يأتي من طريق الشائعات وعلى هذا نجد أن الله تعالى ينكر على من نشر خبرا دون روية ودون تثبت فقال الله تعالى ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ) أيها الإخوة لماذا نحن حين سماع الأخبار التي تمس شخصيات نكون عمالاً لناقلي وقائلي الأخبار التي لا نعلم صدقها من كذبها حيث قال الله تعال ( أَذَاعُوا بِهِ ) وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذم النبي صلى الله عليه وسلم ناقل الأخبار دون تثبت ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قيل له ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زعموا قال يقول ( بئس مطية الرجل ) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني رحمهما الله وعند هذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتحدث بما زعمه الآخرون دون تثبت فقال ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) يقول الإمام مالك رحمه الله : ( اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع )