الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الإرشاد والبيان لمسألة صلاة التراويح والقيام في رمضان
هذه المسألة ترجع لحال الإمام وجماعته فإن أرادوا أن يصلوا التراويح مع القيام فلهم ذلك حتى لا يعودوا آخر الليل ولا يلزم هذا وجوباً أن يعودوا لأن الأمر كله نافلة والمسنون والراجح هو أحد عشرة ركعة كما رجح ذلك الشيخ الألباني في شرح السنة , ولكن من أراد الزيادة فلا حرج .
ومن صلى أول الليل في العشر الأواخر حتى أنهى وتره لا حرج ومن قسم وتره فصلى أول الليل ثم ترك الباقي لآخره كما يُفعل الآن فلا حرج فبعضهم كان يصلي في العشر الأواخر أول الليل ثم ينصرف ثم يعود آخر الليل يصلي بجماعته مرة أخرى آخذا من الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيى ليله وأيقظ أهله )) .
لكن من قام أوله وجمع بين طول القيام والقراءة فهذا قد حصل منه المقصود في العشر الأواخر لأن ما ينشأ بعد العشاء هو من قيام الليل فإذا رغب الإمام ورغبت جماعته هذا لا حرج بل إن هذا هو الأصل القيام من أوله والإستمرار دون عودة بالجماعة مرة أخرى والقيام والتهجد والتراويح هي أسماء لمسمى واحد وهو ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها حينما قالت (( ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غير رمضان على إحدى عشرة ركعة ) ولهذا قال العلماء رحمهم الله ( قيام الليل هو ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ) ومن هذا يرى العلماء أن قيام الليل يتحقق بأي صلاة ما بين العشاء والفجر فكل ذلك يُعد من قيام الليل .
ثم علينا أن نعلم أن الطريقة المعمول بها اليوم وهي التراويح ثم الإنصراف إلى آخر الليل ويعودون ويصلون مرة أخرى القيام هذا لا حرج فيه ولا أحد ينكره .
ولكن لا ينبغي لنا أن نجعل هذه الطريقة المعمول بها اليوم هي الحتم واللازم والواجب والمشروع في العشر الأواخر دون غيره ونزعم أن من لم يفعل ذلك إنما هو مخالف بل هذا الأمر الكلام فيه واسع والأصل أنه لم يرد بهذه الكيفية التي نفعلها في العشر الآواخر حيث نصلي جماعة بعد العشاء ثم نعود و نصلي في آخر الليل مرة اخرى جماعة فهذا لا اجد له اصلاً او دليلاً و لم يثبت من فعل الصحابة رضي الله عنهم الذين تلقواعن رسول الله صلى الله عليه و سلم بل الذي ثبت أنهم صلوا القيام في رمضان بعد العشاء جماعة ثم لا يعودون لأداء القيام مرة اخرى جماعة في المسجد.
و إنني حين التتبع الدقيق لمسألة سلفة ركعتين من القيام وضمها مع التراويح لم اجد ما يبرر هذه الطريقة كسنة و هي أن الإمام يصلي بهم التراويح ثم يأخذ تسليمه من قيام اليل يسمونها سلفة من القيام ثم يتوقف ثم يرجع بهم آخر الليل ليصلي بهم قيام مرة اخرى جماعة و يظهر أن هذا العمل هو من المتأخرين رغبة بالخير ثم قلدهم من جاء من بعدهم في العشر الاواخر .
فالسنة في قيام رمضان جماعة هو أن يصلي بهم الإمام ما شاء الله ان يصلي بهم ثم يوتر بهم , قال ابن شيبة في المصنف حدثنا وكيع عن نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كان ابن ابي مُلكية يصلي بنا في رمضان عشرين ركعة ) قال بعض العلماء أي أنه يصلي عشرين ركعة متواصلة مرة واحدة, و ذكر الإمام محمد بن نصر المروزي أن مالكاً يرى تسع و ثلاثين ركعة و يوتر بسبع , و يرى الإمام الشافعي رحمه الله أن الناس كانوا يقومون بالمدينة تسع و ثلاثين ركعة و له قول آخر أن الأحب اليه هو عشرون ركعة , و قال يزيد بن رومان رحمه الله كان الناس في زمن عمر رضي الله عنه يقومون بثلاث و عشرين ركعة في رمضان , و ذهب الإمام احمد رحمه الله الى عشرين ركعة و بهذا قال النووي و ابو حنيفة رحمهما الله , و ذهب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأمر في ذلك واسع لأنه قيام ليل فمن شاء زاد او اقل .
فالمقصود أنهم يصلونها مع بعضها متواصلة بوترها , جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه و سلم يقوم بالليل أحد عشر ركعة و قيل ثلاث عشر ركعة . و جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الركعة بالبقرة و النساء و آل عمران . ولاحرج على من صلى بالطريقة المعروفة لدينا ولكن ماذكرته هو فعل الصحابة حيث يصلون القيام جماعة في المسجد ثم ينصرفون بقيامهم هذا ولايرجعون آخر الليل ليصلوا جماعة مرة اخرى في المسجد .
و الله اعلم ..