الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مسألة الإختلاط بين النساء والرجال تفنن فيها التغريبيون واتوا بشبهات يريدون الزج بالمرأة المسلمة إلى مستنقع آسن وخاصة هذا التآمر على المرأة المسلمة في بلادنا وهونوا من مسألة الإختلاط بل ونادوا لها ولعلني اسوق بعضاً من كلام العلماء من السلف الصالح رحمهم الله الذي يتبين فيه تحريم الإختلاط المتعمد والمدروس
وقال الإمام ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية ( وَمِنْ ذلك : أَن وَلِي الْأَمْرِ يَجِبُ عليه أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلَاطَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ في الْأَسْوَاقِ وَالْفُرَجِ وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ ، الْإِمَامُ مَسْئُولٌ عن ذلك وَالْفِتْنَةُ بِهِ عَظِيمَةٌ : قال صلى اللَّهُ عليه وسلم ما تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ وقد مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه النِّسَاءَ من الْمَشْيِ في طَرِيقِ الرِّجَالِ وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ في الطَّرِيقِ فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يقتدي بِهِ في ذلك .
وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ من اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ أَصْلُ كل بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ وهو من أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ كما أَنَّهُ من أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ .
وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا ، وهو من أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ )
وقال في إعلام الموقعين ( فَرَّقَتْ الشريعة بَيْنَ الرجال والنساء في أَلْيَقِ الْمَوَاضِعِ بِالتَّفْرِيقِ، وهو الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ ، فَخَصَّ وُجُوبَهُمَا بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ، لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ من أَهْلِ الْبُرُوزِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ
وقال ابن رجب في فتح الباري في شرح صحيح البخاري : ( المشروع تميز النساء عَن الرجال جملة ؛ فإن اختلاطهن بالرجال يخشى منهُ وقوع المفاسد
قال الماوردي في الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي
( والمرأة منهية عن الاختلاط بالرجال مأمورة بلزوم المنزل وصلاتها فيه أفضل )
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى :( وفي الْمُهَذَّبِ في بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: وَلِأَنَّهَا أَيْ الْمَرْأَةُ لَا تَخْتَلِطُ بِالرِّجَالِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ
قال ابن العربي في أحكام القرآن :( المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجالس ، ولا تخالط الرجال ، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير ، لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها ، وإن كانت متجالة برزة لم يجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم وتكون منظرة لهم ، ولم يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده
وقال القرافي في الذخيرة ( الأدب السابع : قال اللخمي: يفرد النساء عن الرجال في الخصومة إذا كانت الخصومة بينهن ، ويجعل لهن وقتاً ، فإن كان بعضها بينهم وبعضها مع الرجال جعل الخصومة ثلاث مرات: للرجال وقت ، ولمن كانت خصومته من النساء وقت ، وللنساء وحدهن وقت، فإن عجز عن ذلك عن النساء وأبعد مجلسهن عن الرجال
وقال الشيرازي في المهذب في فقه الإمام الشافعي : ( وإذا أراد أن ينصرف فإن كان خلفه نساء استحب أن يلبث حتى ينصرف النساء ولا يختلطن بالرجال لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قام النساء حين يقضي سلامه فيمكث يسيرا قبل أن يقوم .قال الزهري رحمه الله : فنرى والله أعلم أن مكثه لينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال) .
وقال ابن فرحون في تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام ( ومنها : أن يجعل للرجال مجلسا وللنساء مجلسا إذا كانت حكومة كل نوع مع نوعه ، فإذا اجتمعت الرجال والنساء في مجلس واحد لخصومة عرضت لهم أفرد لهم مجلساً )
وقال الإمام ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية في السياسة (وَمِنْ ذلك أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ يَجِبُ عليه أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلَاطَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ في الْأَسْوَاقِ وَالْفُرَجِ وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ ، قال مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عنه : أَرَى للأمام أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الصُّيَّاغِ في قُعُودِ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ ، وَأَرَى أَلَا يَتْرُكَ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ تَجْلِسُ إلَى الصُّيَّاغِ
قال ابن قدامة المقدسي في المغني ( إذا كان من الإمام رجال ونساء فالمستحب أن يثبت هو والرجال بقدر ما يرى أنهن قد انصرفن ويقمن هن عقيب تسليمه قالت أم سلمة إن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلم من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله
وقد كان عمر بن الخطاب وبعضهم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد قال عن أحد ابواب المسجد أظنه الباب الشرقي لو تركنا هذا الباب للنساء فما دخله عبد الله بن عمر حتى مات
وعن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لو تَرَكْنَا هذا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ 0 قال نَافِعٌ : فلم يَدْخُلْ منه بن عُمَرَ حتى مَاتَ ) أبو داود في السنن في بَاب في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في الْمَسَاجِدِ عن الرِّجَالِ
قال الله تعالى: ( وإذا سَأَلْتُمُوهُنَ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاءِ حِجَابٍ ، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )
وقال ابن العربي في أحكام القرآن (وهذا يدل على أن الله أذن في مساءلتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتى فيها والمرأة كلها عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة كالشهادة عيها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعن ويعرض عندها )
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ( في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها