قال الله تعالى ( وأنكحوا الآيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله )
فالزواج شرعه الله عز وجل وجعله نعمة على البشر وتعظم هذه النعمة يوم أن يكون السكون والإستقرار والرحمة والمودة بين الزوجين .
ثم لنعلم أن الكفاءة في الزواج شرطها الدين فإن المسلمة لا يجوز بل ولا تحل لكفار أبداً وهذا بالإجماع .
أما الكفاءة في النسب بين المسلمين فهذه ليست شرطاً بل لم يثبت في إعتبار شرطية الكفاءة في النسب دليل شرعي صحيح لكنها أعراف وتقاليد تمسك بها البعض مع أن البعض من العلماء قالوا بإستحباب ذلك لكن الإمام الشافعي رحمه الله وكذلك من العلماء من قال ليس نكاح غير الأكفاء حراماً .
والقصد أن أولياء المرأة إذا رغبوا بزواج من يرونه فلهم إذ يعتبرون أن الكفاءة هي لهم فإن تركوها فلا حرج وإن تمسكوا بالكفاءة لا حرج عليهم .
والمقصود بإرادة الكفاءة في النسب عند بعض العلماء هو كيلا تضيع المرأة مع رجل غير كفء لها .
ومن العرب من يرى الكفاءة في المال ويجعلون الحسب هو المال فمن كان غنياً أو أهله أغنياء وأصحاب ثروة فهو من أهل الحسب الذي يرونه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( أحساب أهل الدنيا الذين يذهبون إلى المال ) رواه ابن حبان وقد حسن هذا الحديث الشيخ الألباني كما في صحيح ابن حبان .
ومن العرب من يرى الكفاءة في الجمال فالخلاصة أن هناك إختلاف في مفهوم الكفاءة عندهم ومنهم من يرى أن الكفاءة كون أباها وجدها على الإسلام والرجل كان أباه على الإسلام وجده ليس مسلماً وهكذا .
أما رواية الدار قطني أن عمر رضي الله عنه قال ( لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء ) .
فهذا القول المأثور عن عمر رضي الله عنه قال عنه ابن أبي حاتم قال سألت أبي عنه قال هذا كذب لا أصل له وقال الدار قطني في العلل لا يصح وقال الإمام بن عبد البر هذا منكر وموضوع .
والصحيح المعتبر في هذه المسألة خلاف ذلك بل ويرده ولا يتخذ المأثور من القول قدوة وحكماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج إبنتيه رضي الله عنهما عثمان بن عفان رضي الله عنه وزوج أبا العاص إبنته زينب .
وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه )وكان حجاماً .
وتزوج بلال بن رباح وهو حبشي الأصل بأخت عبد الرحمن بن عوف وهي قرشية ومن العرب .
وقد قال علي رضي الله عنه الناس بعضهم أكفاء بعض عربيهم وعجميهم وقريشيهم وهاشميهم إذا أسلموا وآمنوا .
وكانت ضباعة بنت الزبير قد تزوجت بالمقداد بن الأسود وهي بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالذي أعلمه أن الكفاءة تكون في الدين والإستقامة والخيار معروض على النساء فلهن الحق في أن يخترن ما يكون خيراً لهن .
قال الإمام الموفق إبن قدامة رحمه الله ( وأما السلامة من العيوب فليس من شروط الكفاءة فإنه لا خلاف في أنه يبطل النكاح بعدمه ولكنها تثبت الخيار للمرأة دون الأولياء لأن ضرره يختص لها ولوليها منعها من نكاح المجذوم والأبرص والمجنون )
والأقوال المأثورة في الكفاءة ليست شرطاً .