عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2008, 09:31 PM   #2
الشيخ عيسى
المشـــــرف العــــام
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
الدولة: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 17,155
افتراضي

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونرحب بك ونسأل الله لك دوام التوفيق أمالجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ونفيدك أن من الأشياء التي تُؤدي إلى الإنتكاس وضعف التدين لدى البعض إنما يعود لأسباب يجب التنبيه لها والتيقظ حتى لا يقع المسلم أو المسلمةفي هزال التدين
ولعل من الأسباب ما يلي :
1/ مخالطة بعض المهملين للدين ومجالستهم ومجاملتهم فيما يصنعون فربما نجد شاباً مستقيماً وهو مع المتدينين ثم له مخالطات بين حين وآخر مع أولئك ولا يبالي بالمجالسة معهم على منكرهم فلا شك أن هذا يولد في النفس ضعف الوازع الديني ويترتب عليه حصول الرجعة إلى الماضي من الذنوب والمخالفات أو تكون متدينة ثم لاتبالي بالمخالطة مع بعض النساء اللواتي يهملن أمور الدين فيضعف عندها الوازع.
ومن الأسباب :
2/ الميل والتعصب إلى رأي معين أو مجموعة معينة يقول بقولهم ويأخذ بآرائهم حتى ولو كانت ضعيفة أو يحتمل فيها الخطأ فهذا يُوجد في نفس المتدين الإصطدام بالمخالف لأهداف مجموعته وهذا لا شك يعمل على تغيير نفسيته بأن يتأثر بالتردد مع النفس فينزع إلى الإعتزال ثم عدم الرغبة للطرفين ويُؤدي هذا بدوره إلى عدم الثقة في النفس ثم يحصل الإنتكاس .
فالصواب في هذا أن لا نتعصب للرجال و لا للأقوال وإنما تأخذ بالوسطية والإعتدال ونتجه بآرائنا إلى الدليل حتى ولو كان مع المخالف .
ومن الأسباب :
3/ عدم محاسبة النفس والنظر إلى القصور فهذا مدخل كبير إلى الرجوع عن الإستقامة فحينما نجد متدينة أو متديناً لا يحاسب نفسه ويفوت فرصة المعاتبة عن التقصير يقع في المتاهة ثم يخف جانب التدين لديهما ويحصل بسبب ذلك الإنتكاس .
ومن الأسباب :
4/ عدم النظر إلى التدين الحقيقي من أول الأمر نجد البعض ضعيفاً في تدينه من الأصل فخالط أهل الإستقامة ومشى معهم وجالسهم ولكنه ينظر إلى طريقين فمستقيم ومعوج فيتعامل بالإستقامة في حال وتراه معوجاً في حال الخلوة فهذا لا شك أنه سينتكس والله تعالى يقول (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) (النساء: 85
ومن الأسباب :
5/ ضعف الإخلاص وهذا لا شك يُؤدي إلى الفتور حيث ينبغي للمتدين أن يتعاهد إخلاصه لربه عز وجل لأن صدق الإخلاص من العوامل الرئيسية على الثبات فأي متدين تلمس منه الإنتكاس أو القصور فهذا يحتاج إلى مراجعة إخلاصه وتحريره من الهوى .
ومن الأسباب :
6/ ضعف رقة القلب إذا ينبغي أن يحرص المتدين على التفكر والتأمل في الملكوت الذي خلقه الله ووصنعه فيتدبر فالله تعالى يقول (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (الزمر:5)
وقال الله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)(الحديد: من الآية16 فهذه بعض الأسباب التي تُؤدي إلى الإنتكاس والفتور وضعف التدين .
لذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على مخالفة هواه والقيام بواجب رعاية النفس لأن الله تعالى يقول (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس آية (9, 10 ).
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( قل آمنت بالله ثم استقم )
التدين لا يمكن أن يكون تديناً مرضياً حتى يكون لله عز و جل فمن المؤلم و المؤسف أن نجد ملتزمة عليها هالة الإلتزام لكن يناقض قولها فعلها و وصفها حالها أو نجدها شعلة في عمل الخير ثم أودى بها الفتور الى الخمول و الكسل فالملتزمة يجب عليها أن تكون ذات تدين يؤثر عليها في سلوكها و أخلاقها كشجرة الأترج ريحها طيب و طعمها طيب و زهرتها جميلة .
إن الملتزمة هي التي تخاف الله عز و جل في جميع تصرفاتها تخافه في اُمور العبادات فتحافظ عليها في أوقاتها . تخاف الله عز و جل في أخلاقها فهي متخلقة بأخلاق الإسلام إنها الرقيقة في تعاطفها مع الآخرين فلا تظلم أحدا و لا تسيء لأحد و لا تغتاب و لا تزرع الوشايات بل طريقها إلى الوضوح أقرب تحب للآخرين ما تحب لنفسها .
فالإلتزام سلوك ظاهره الخُلق الذي دعى له رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله ( إنما بُعثت لاُتمم مكارم الأخلاق ) .
و إليك يا اُختاه بعض مواقف لنساء تربين على التدين و الإلتزام الصحيح :
فهذا الهيثم بن جماز قال كانت لي امرأة لا تنام الليل و كنت لا أصبر معها على السهر فكنت إذا أطلت النوم ترش الماء و تنبهني برجلها و تقول أما تستحي من الله ,إلى كم هذا الغطيط قال فوالله إن كنت لأستحي مما تصنع ( أي من تعظيم قدر الصلاة والقيام و العبادة ) .
و هذا عبد الله بن رواحة بكت إمرأته فقال لها ما يبكيك قالت بكيت لبكائك قال : إني قد علمت أني وارد النار ما ادري أناج منها ام لا ) .
فالملتزمة هي التي تتصف بطيب عملها و أخلاقهاقال الله تعالى في شأنهن ( مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات )


فلا تيأسي من رحمة الله عز وجل فإن العبد مهما قارف من الذنوب والخطايا ولجأ إلى الله عز وجل بتوبة صادقة نصوحة فإن الله كما وعد في كتابه يقبل توبته ويغفر ذنبه قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8))
وقال تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
وقال تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)
والرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ بنا إلى الأمل وعدم اليأس وها هو يقول ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل ).
ويقول صلى الله عليه وسلم ( إن الله يقبل توبة العبد مالم يقرقر )).
والذنوب مهما كانت ولو بلغت عنان السماء وتاب الإنسان توبة نصوحا فإن الله يتوب عليه ويبدلها له حسنات .

الشيخ عيسى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس