الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونرحب بك ونسأل الله لكم التوفيق أما الجواب : ثبت أن الجن يدخلون البدن إذا شاء الله ذلك فقد قال الله تعالى
( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) 0
قال الإمام ابن كثيررحمه الله (أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له ، وذلك أنه يقوم قياما منكرا )
روى الإمام البخاري رحمه الله عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنه ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها ) ( متفق عليه )
اسمها أم زفر كما روى ذلك البخاري في صحيحه عن عطاء ، وقيل أن الصرع الذي كان بهذه المرأة كان من الجن
قال الحافظ بن حجر في الفتح رحمه الله عن ابن عباس أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني والخبيث هو الشيطان فدعا لها
وعن أنس – رضي الله عنه ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) ( متفق عليه ) 0
قال النووي : قوله صلى الله عليه وسلم : ( أن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) قال القاضي عياض رحمه الله قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجرى الدم )
و عن أبي سعيد رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه ، فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب ) صحيح أبو داوود
قال الحافظ في الفتح : ( فيحتمل أن يراد الدخول حقيقة ، وهو وإن كان يجري من الإنسان مجرى الدم ، لكنه لا يمكن منه ما دام ذاكرا الله تعالى ، والمتثائب في تلك الحالة غير ذاكر ، فيتمكن الشيطان من الدخول فيه حقيقة ومن أصيب بذلك فيرقي رقية شرعية فمذهب أهل السنة والجماعة أن ا لجن يحصل منهم الأذى على الإنس في التلبس وغيره ، قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله : ( قلت لأبي أن أقواما يقولون أن الجن لا يدخل بدن المصروع فقال يا بني يكذبون ، هو ذا يتكلم عن لسانه ) ، وقال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله كما في كتابه زاد المعاد في درره على منكري التلبس من الجن فقال : ( إن جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ومن يعتقد بالزندقة فضيله ، فأولئك ينكرون صرع الأرواح ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع ، وليس من الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك والحس والوجود شاهد به .
وأهل السنة والجماعة لا ينكرون تلبس الجن بالإنس إذا شاء الله عز وجل ، قال الله تعالى :
( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ )
وقد يحصل أن الإنسان المسلم يمتنع من فعل الخير بسبب هذا التلبس . نعوذ بالله من ذلك ، والله أعلم