الجن مخاطبون بالإيمان والتصديق بهذه الرسالة المحمدية والإذعان لها ولكن التكليف نحوهم يختلف عن تكليف البشر لاختلاف الجنس والطبائع والجن طوائف كما ذكر الله عنهم في كتابه العزيز فنجد في هذا الخطاب المؤمن منهم الكافر والصالح والطالح ولذلك يقول الإمام ابن تيمية
رحمه الله مانصه
( لا ريب أنهم مأمورون بأعمال زائدة على التصديق ومنهيون عن أعمال غير التكذيب فهم مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم فإنهم ليسوا مماثلي الإنس في الحد والحقيقة فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساويا لما على الإنس في الحد لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم . وهذا ما لم أعلم فيه نزاعا بين المسلمين . وكذلك لم يتنازعوا أن أهل الكفر والفسوق والعصيان منهم يستحقون لعذاب النار كما يدخلها من الآدميين ; لكن تنازعوا في أهل الإيمان منهم فذهب الجمهور من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد : إلى أنهم يدخلون الجنة وذهب طائفة منهم أبو حنيفة فيما نقل عنه إلى أن المطيعين منهم يصيرون ترابا كالبهائم ويكون ثوابهم النجاة من النار قال الله تعالى في شأن تكليفهم ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
و في صحيح الإمام مسلم رحمه الله عن عبد الله بن مسعود عن النبي
صلى الله عليه وسلم : ( أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن فانطلقوا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيدكم أوفر ما يكون وكل بعرة علف لدوابكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تستنجوا بالعظم والروث )
وقال الله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )سورة الأحقاف
ا