سؤال وجواب (بإشراف فضيلة الشيخ الدكتور عيسى الدريويش)

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وردد الخلاف عند الفقهاء في حكم بيع جلد الميتة والانتفاع به وهذا الخلاف سببه النظر في مسألة الدبغ وتأثيره بالطهارة للجلد .
ولهذا يستحسن للضرورة النظر في حكم بيع جلد الميتة الكلام عن دبغ جلد الميتة وأثره في طهارة الجلد وإزالة نجاسته ولمقتضى هذا رأيت أن يكون الكلام أولاً عن حكم دبغ جلد الميتة وأثره في طهارته .
تعريف الدبغ للجلد :
لغة : جاء في لسان العرب دبغ الجلد يدبغه دبغاً ودباغةً ودباغاً .
والدباغة والدبغة بالكسر : ما يدفع به الأديم .
حكم الدباغة وأثرها على جلد الميتة :
في مذهب الأحناف قالوا: ( إن الدبغ مطهر لجلد الميتة وقد استثنوا جلد الخنزير وذلك لنجاسته ).
جاء في بدائع الصانع في ترتيب الشرائع للكاساني (6/492) ( يطهر الجلد بالدباغ حتى يجوز بيعه لزوال الرطوبة عنه ) واستدلوا بالحديث ( أيما إيهاب دبغ فقد طهر )رواه الإمام مسلم رحمه الله .
وفي مذهب المالكية قالوا : ( مطهر طهارة مقيدة أي يستعمل في اليابسات والماء وحده )مواهب الجليل مختصر خليل للإمام الحطاب (1/143)
وفي مذهب الشافعية قالوا : ( إن جلد الميتة يطهر بالدبغ سواء كان الجلد لحيوان مأكول أو غيره واستثنوا من ذلك جلد الخنزير والكلب لنجاستهما عيناً .
جاء في كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني الألفاظ المنهاج للشربيني (1/177) ( وجلد نجس بالموت ولو من غير مأكول يطهر بدبغه ) واستدلوا بحديث ( هلا أخذتم إيهابها فدبغتموه فانتفعتم به )خرجه الإمام البخاري في صحيحه .
وكذلك استدلوا بحديث ( أيما إيهاب دبغ فقد طهر )
وفي مذهب الحنابلة قالوا : ( إن جلد الميتة النجسة لا يطهر بالدبغ وأما ما يطهر ما كان مأكول اللحم ).
جاء في كتاب الشرح الكبير للإمام ابن قدامة المقدسي (1/23,24 ) ( يجوز الانتفاع بجلد ما كان طاهراً حال الحياة إذا دبغ ويجوز بيعه وإجارته والانتفاع به ولا يجوز بيعه قبل الدبغ ) واستدلوا بالحديث ( يطهره الماء والقرض )خرجه الإمام أبو داود .
الترجيح :
بعد التأمل والنظر لكلام الفقهاء واستدلالاتهم يترجح لدي أن القول بطهارة جلد الميتة بعد الدبغ ويجوز بيعه وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء كأبي حنيفة والشافعي وأحمد وذلك لاستدلالهم الصحيح القوي ( أيما إيهاب دبغ فقد طهر )